الغضب وعلاجة في عيادة الرسول صلى الله عليه وسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ليس الشديد بالصُّرَعة ، إنما الشديد الذي يَملك نفسه عند الغضب " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه و سلم :
أوصني ، قال : لا تغضب . فردد مراراً ، قال : لا تغضب .
صحيح البخاري في الأدب 6114 - 6116
قوله " ليس الشديد بالصرعة " بضم الصاد و فتح الراء :
الذي يصرع الناس كثيراً بقوته و الهاء للمبالغة بالصفة . قوله " فردَّد مراراً "
أي ردَّد السؤال يلتمس أنفع من ذلك أو أبلغ أو أعم ، فلم يزده على ذلك و زاد أحمد
و ابن حبان في رواية عن رجل لم يُسَمَّ قال : تفكرت فيما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله .
قال الخطابي : معنى قوله " لا تغضب " اجتنب أسباب الغضب و لا تتعرض لما يجلبه .
وقال ابن بطَّال في الحديث أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو
لأنه صلى الله عليه و سلم جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة
و لعل السائل كان غضوباً ، و كان النبي صلى الله عليه و سلم يأمر كل أحد بما هو أولى به
فلهذا اقتصر في وصيته له على ترك الغضب ، فللغضب مفاسد كبيرة ، و من عرف هذه
المفاسد عرف مقدار ما اشتملت عليه هذه الكلمة اللطيفة من قوله صلى الله عليه و سلم
" لا تغضب " من الحكمة و استجلاب المصلحة في درء المفاسد
[ انظر فتح الباري : 10 / 520[
و كما وصف صلى الله عليه و سلم الداء وصف الدواء ففي حديث رواه أحمد
و أبو داود و ابن حِبَّان أنه عليه الصلاة و السلام قال :
" إذا غضب أحدكم و هو وقائم فليَجلس ، فإن ذهب عنه الغضب و إلا فَليضطَجِع " .
فما هي تأثيرات الغضب على جسم الإنسان ؟
و لماذا وصف لنا النبي عليه السلام هذا العلاج ؟
و كيف يؤثر الوقوف و الاضطجاع على الغضب ؟
هذه ثلاثة أسئلة للإجابة عليها لابّد أن نتوقف عند الغُدَّة الكظرية التي تقع فوق الكليتين
و من وظائف هذه الغدة إفراز هرمون الأدرينالين و المودرينالين .
فإن كان لديك اضطراب في نظم القلب فلا تغضب ، فهرمون الأدرينالين يمارس تأثيره
على القلب فيسرع القلب في دقاته ، و قد يضطرب نظم القلب و يحيد عن طريقه السوي
و لهذا فإن الانفعال و الغضب يسببان اضطراباً في ضربات القلب و كثيراً ما نشاهد
من يشكو من الخفقان في القلب حينما يغضب أو ينفعل .
وإن كنت تشكو من ارتفاع في ضغط الدم فلا تغضب : فإن الغضب يرفع مستوى
هذين الهرمونين في الدم ممل يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ، و الرسول صلى الله عليه و سلم
يكررها ثلاثاً : " لا تغضب " و الأطباء ينصحون المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم
أن يتجنبوا الانفعالات و الغضب . و إن كنت مصاباً بمرض في شرايين القلب فلا تغضب :
لأنه يزيد من تقلُّص القلب و حركته ، و قد يهيئ ذلك لحدوث أزمة في القلب .
و إن كنت مصاباً بالسكَّري فلا تغضب : فإن الأدرينالين يزيد من سُكّر الدم .
وقد ثبت علمياً أن هذه الهرمونات تنخفض بالاستلقاء كما قال صلى الله عليه و سلم :
" إذا غضب أحدكم و هو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب و إلا فليضطجع"
[ قبسات من الطب النبوي ، باختصار[