السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله رب العالمين اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي أل سيدنا محمد.
فهد اإلي كل مهموم وكل مكروب وكل مريض وكل من ضاقت عليه الدنيا وأحس بالوحدة وتركه الأحباب والأولاد ولم يري إلا الظلام حوله ولم يجد مخرجا ولافرجا أقول له أبشر ولن أتكلم طويلا با أدع الأيات والأحاديث النبوية الشريفة.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى الصبر في القرآن في نحو تسعين موضعا وهو واجب بإجماع الأمة وهو نصف الإيمان فإن الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر وهو مذكور في القرآن على ستة عشر نوعا
الأول: الأمر به نحو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [ البقره: 153 ] وقوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [ البقره: 45 ] وقوله: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [ آل عمران: 20 ] وقوله: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [ النحل: 127 ]
الثاني: النهي عن ضده كقوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [ الأحقاف: 35 ] وقوله: {فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} [ الأنفال: 15 ] فإن تولية الأدبار: ترك للصبر والمصابرة وقوله: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} 0 [ محمد: 33 ] فإن إبطالها ترك الصبر على إتمامها وقوله: فلا تهنوا ولا تحزنوا [ آل عمران: 139 ] فإن الوهن من عدم الصبر
الثالث: الثناء على أهله كقوله تعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ} الآية [ آل عمران: 17 ] وقوله: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [ البقره: 177 ] وهو كثير في القرآن
الرابع: إيجابه سبحانه محبته لهم كقوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [ آل عمران: 146 ]
الخامس: إيجاب معيته لهم وهي معية خاصة تتضمن حفظهم ونصرهم وتأييدهم ليست معية عامة وهي معية العلم والإحاطة كقوله: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [ الأنفال: 46 ] وقوله: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [ البقره: 249 الأنفال: 69 ]
السادس: إخباره بأن الصبر خير لأصحابه كقوله: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [ النحل: 126 ] وقوله: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [ النساء: 25 ]
السابع: إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم كقوله تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [ النحل: 96 ]
الثامن: إيجابه سبحانه الجزاء لهم بغير حساب كقوله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ الزمر: 10 ]
التاسع: إطلاق البشرى لأهل الصبر كقوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [ البقره: 155 ]
ص -154- العاشر: ضمان النصر والمدد لهم كقوله تعالى: بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ} [ آل عمران: 125 ] ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: واعلم أن النصر مع الصبر
الحادى عشر: الإخبار منه تعالى بأن أهل الصبر هم أهل العزائم كقوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْم الْأُمُورِ} [ الشورى: 43 ]
الثاني عشر: الإخبار أنه ما يلقى الأعمال الصالحة وجزاءها والحظوظ العظيمة إلا أهل الصبر كقوله تعالى: {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [ القصص: 80 ] وقوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [ فصلت: 35 ]
الثالث عشر: الإخبار أنه إنما ينتفع بالآيات والعبر أهل الصبر كقوله تعالى لموسى: {أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [ إبراهيم: 5 ] وقوله في أهل سبأ: {فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [ سبأ: 19 ] وقوله في سورة الشورى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [ الشورى: 3233 ]
الرابع عشر: الإخبار بأن الفوز المطلوب المحبوب والنجاة من المكروه المرهوب ودخول الجنة إنما نالوه بالصبر كقوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [ الرعد: 2324 ]
الخامس عشر: أنه يورث صاحبه درجة الإمامة سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ثم تلا قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [ السجده: 24 ]
هده الأيات من كتاب مدارج السالكين – الجزء الثاني لإبن القيم رحمه الله تعالي.
1 - الترغيب في سؤال العفو والعافية )
________________________________________
( حسن صحيح )
وعن معاذ بن رفاعة عن أبيه قال
قام أبو بكر الصديق على المنبر ثم بكى فقال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أول على المنبر ثم بكى فقال سلوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية
رواه الترمذي من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل وقال حديث حسن غريب ورواه النسائي من طرق وعن جماعة من الصحابة وأحد أسانيده صحيح
________________________________________
( صحيح )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة
رواه ابن ماجه بإسناد جيد
________________________________________
( صحيح )
وعن أبي مالك الأشجعي عن أبيه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله
كيف أقول حين أسأل ربي قال قل اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني ويجمع أصابعه إلا الإبهام فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك
رواه مسلم
________________________________________
( حسن صحيح )
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يا عباس يا عم النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من الدعاء بالعافية
رواه ابن أبي الدنيا والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري
________________________________________
( صحيح )
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم وقال صحيح على شرطهما
________________________________________
2 - الترغيب في كلمات يقولهن من رأى مبتلى )
________________________________________
( صحيح لغيره )
عن عمر و أبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من رأى صاحب بلاء فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء
رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب
________________________________________
( صحيح لغيره )
ورواه ابن ماجه من حديث ابن عمر
________________________________________
3 - الترغيب في الصبر سيما لمن ابتلي في نفسه أو ماله وفضل البلاء والمرض والحمى وما جاء فيمن فقد بصره )
________________________________________
( صحيح )
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها
رواه مسلم
________________________________________
( صحيح )
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر رواه البخاري ومسلم في حديث تقدم في المسألة
________________________________________
( صحيح )
ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة مختصرا ما رزق الله عبدا خيرا له ولا أوسع من الصبر
وقال صحيح على شرطهما
________________________________________
( صحيح موقوف )
وعن علقمة قال قال عبد الله الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله
رواه الطبراني في الكبير ورواته رواة الصحيح وهو موقوف وقد رفعه بعضهم
________________________________________
( صحيح )
وعن صهيب الرومي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبا لأمر المؤمن إن أمره له كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له
رواه مسلم
________________________________________
( صحيح )
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح تصرعها مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج
وفي رواية حتى يأتيه أجله ومثل الكافر كمثل الأرزة المجدبة على أصلها لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة
رواه مسلم
________________________________________
( صحيح )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الرياح تفيئه ولا يزال المؤمن يصيبه بلاء ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا
تهتز حتى تستحصد
رواه مسلم والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن صحيح
________________________________________
( حسن )
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما ابتلى الله عبدا ببلاء وهو على طريقة يكرهها إلا جعل الله ذلك البلاء كفارة وطهورا ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله عز وجل أو يدعو غير الله في كشفه
رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض
والكفارات وأم عبد الله ابنة أبي ذئاب لا أعرفها
________________________________________
( صحيح )
وعن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال الانبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلاه الله على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة
رواه ابن ماجة وابن أبي الدنيا
والترمذي وقال :
حديث حسن صحيح
ولابن حبان في صحيحه قال :
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أشد بلاء ؟ قال :
الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل
يبتلى الناس على قدر دينهم
فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه
ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه
وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشي في النلس ماعليه خطيئة
________________________________________
( صحيح )
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوك عليه قطيفة فوضع يده فوق القطيفة فقال ما أشد حماك يا رسول الله قال إنا كذلك يشدد علينا البلاء ويضاعف لنا الأجر ثم قال يا رسول الله من أشد الناس بلاء قال الأنبياء
قال ثم من قال العلماء
قال ثم من قال الصالحون كان أحدهم يبتلى بالقمل حتى يقتله ويبتلى أحدهم بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يلبسها ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء
رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات والحاكم واللفظ له وقال صحيح على شرط مسلم وله شواهد كثيرة
________________________________________
( حسن )
وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت بالمقاريض
رواه الترمذي وابن أبي الدنيا من رواية عبد الرحمن بن مغراء وبقية رواته ثقات وقال الترمذي حديث غريب
________________________________________
( صحيح )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يصب منه
رواه مالك والبخاري
________________________________________
( صحيح )
وعن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع
رواه أحمد ورواته ثقات
ومحمود بن لبيد رأى النبي صلى الله عليه وسلم واختلف في سماعه منه
________________________________________
( حسن )
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن عظم الجزاء مع عظم البلاء
وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط
رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن غريب